دعاء سيد الاستغفار كامل مكتوب وفضله وشرحه، دعاءٌ من الأدعية النّبويّة المأثورة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فلقد حثّ النّبيّ على الإكثار من الدّعاء وذكر الله تعالى في كلّ وقت لما في الدّعاء من فضائل عظيمةٍ، ومنافع وخيرات كثيرة.
فتابع معنا مقالنا هذا للتعرف بدعاء سيد الاستغفار، واطلاعنا على فضله وأهميّته، كما سيساعدنا في معرفة مدى صحّته، ومعاني كلماته وشرحها.
الاستغفار
الاستغفار نوعٌ من أنواع الذّكر الّتي يتعبّد فيها العبد ربّه تبارك وتعالى، وهو سؤال الله تعالى وطلب المغفرة والعفو منه، كما أنّه من الأذكار عظيمة الثّواب والأجر، فقد ذكر القرآن الكريم أهميّة ذكر العبد لربّه، كما ذكر بأنّه أمر ربّانيّ، وعلى المسلم أن يطيع هذا الأمر ويخضع له، قال الله تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} كما حثّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على ذكر الله تعالى ووصّى به، لأنّ عاقبة من غفل عن ذكر الله تعال وأعرض عنه وخيمةٌ وسيّئة، ومن أعظم صور الذّكر هو الاستغفار، والاستغفار يعني طلب العفو والغفران عن الّذنوب، من الغفّار الرّحيم تبارك وتعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله- أنّ الإنسان المؤمن يتقلّب بين شكر الله تعالى على النّعم الكثيرة الّتي منّ بها عليه، وكذلك التّوبة والاستغفار للذّنوب والخطايا الّتي يحملها، ولقد علّمنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الاستغفار جب أن يلزمه المسلم ليل نهار، حيث رويت عنه الكثير من الأحاديث المباركة، والّتي تناولت الحديث عن كثرة استغفاره عليه الصّلاة والسّلام، كما تناولت فضل الاستغفار العظيم وأهميّته، ومن هذه الأحاديث، ما رواه الأغر المزني -رضي الله عنه- قال: “إنَّه لَيُغَانُ علَى قَلْبِي، وإنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، في اليَومِ مِئَةَ مَرَّةٍ” وينبغي للمسلم أن يقتدي برسول الله فهو خير قدوة، وأحسن أسوة، وأن يستغفر الله تعالى لذنوبه كما كان يفعل ويأمر به رسول الله، والله أعلم
دعاء سيد الاستغفار كامل مكتوب
قد وردت العديد من الآيات الكريمة الّتي تتحدّث وتأمر بالاستغفار للّذنوب، وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى، ليتجاوز عن الذّنوب والخطايا والآثام الّتي يحملها العبد، فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}. كذلك قال تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. وإنّ الاستغفار من سنن رسول الله -عليه أفضل الصّلاة والسّلام- فقد روى ثوبان مولى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: “كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا انْصَرَفَ مِن صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا”كما وردت عنه العديد من صيغ الاستغفار الّتي يمكن للمسلم أن يستغفر الله تعالى بها، ويسأله العفو والتّجاوز عن السّيّئات، لكنّ أفضل الأذكار والأدعية وصيغ الاستغفر الّتي يمكن للمسلم، أن يدعو بها، هي دعاء سيد الاستغفار حيث أنّ فيه فصلا خاصّاً، وثمراتٍ عظيمة، لا تكون في غيره من الأدعية، ودعاء سيد الاستغفار مكتوب وفضله العظيم هو
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “دعاء سيد الاستغفار: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ. إذا قالَ حِينَ يُمْسِي فَماتَ دَخَلَ الجَنَّةَ – أوْ: كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ – وإذا قالَ حِينَ يُصْبِحُ فَماتَ مِن يَومِهِ مِثْلَهُ“.وإنّ فضل هذا الدّعاء عظيمٌ جدّاً، وثمراته طيّبةٌ يجنيها كلّ من دعا به بقلبٍ خاشعٍ غير لاهٍ، وينبغي للمسلم أن يدعو به بكل الأوقات، وأن يتحرّى أوقات الإجابة خاصّة، فيدعو به، والله أعلم.
ما هو دعاء سيد الاستغفار
دعاء سيد الاستغفار هو أفضل وأجلّ الأدعية والمعاني الّتي يمكن للعبد أن يدعو ويناجي بها الله تعالى، وقد وردت صيغته المذكورة سابقاً في السّنّة النّبويّة المباركة، وقد سمّي بسيد الاستغفار لاحتوائه على ثلاثة أمورٍ وهي:
- سرعة الاستجابة.
- جزاؤه كبيرٌ وعظيم.
- اشتماله على الكثير من المعاني العظيمة.
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “أفضلُ الذكرِ: لا إلهَ إلا اللهُ، وأفضلُ الدعاءِ: الحمدُ للهِ”.
- فدعاء سيد الاستغفار قد جمع بين أفضل الّذكر وأفضل الدّعاء، كما اشتمل على معاني التّوبة كلّها، وجعلها في موضع ٍواحد، وهذا من أسباب تسميته بسيد الاستغفار، لأنّه جامعٌ للإيمان بكلّ أنواعه، ولمعاني التّوبة ولطلب المغفرة، والشّكر على النّعم، ولا بدّ للمؤمن أن يلازم هذا الدّعاء لينال فضائله العظيمة بإذن الله تعالى.
دعاء سيد الاستغفار والزواج
إنّ الدّعاء بشكلٍ عامّ، هو سببٌ في تيسير جميع الأمور، ومنها الزّواج، ولا بدّ للمسلم أو المسلمة، من الإكثار والإلحاح في الدّعاء على الله تعالى، لتيسير جميع الأمور، وقضاء الحاجات، والرّزق بالزّوج أو الزّوجة الصّالحين، وإنّ الاستغفار أيضاً من الأذكار العظيمة الّتي إن داوم عليها المسلم، يسّر الله تعالى أمره، وقضى حاجته، وأفضل صيغ الاستغفار هي دعاء سيد الاستغفار، فلا بأس ولا حرج على المسلم أو المسلمة، إن دعا الله تعالى بدعاء سد الاستغفار لييسّر له زواجه، ويسهّل عليه ذلك، كما يجوز للمسلم أن يدعو به أو بغيره بنيّة تسهيل زواج الغير كالأخ أو الأخت وغيرهما، والله أعلم.
شاهد أيضًا: دعاء يوم الخميس مكتوب بالصور
صحة دعاء سيد الاستغفار
إنّ دعاء سيد الاستغفار المأثور عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قد أجمع العلماء على صحّته، وصحّة متنه ولفظه، وقد رواه عددٌ كبيرٌ من رواة الحديث المعروفين والمشهورين والثّقات، ومنهم البخاريّ وشيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمهما الله- وقد ذّكر هذا الحديث في العديد من كتب الحديث المعتمدة والصّحيحة، كما أشار ابن باز -رحمه الله- أيضاً إلى صحّة هذا الحديث، وأنّه لا يجوز التّشكيك به إطلاقاً، والله أعلم.
دعاء سيد الاستغفار مأثور عن النبي
إنّ الاستغفار من الأمور الواجبة على الإنسان، فقد أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالدّعاء وسؤال الله تعالى المغفرة والعفو عن الّذنوب، كما كان هو يستغفر الله تعالى كثيراً وبكلّ أحواله، ففضل الاستغفار عظيمٌ وكبير، ومنه فضله أنّه ييسّر الحوائج ويقضيها، ويفرّج الهموم، ويجلب الأرزاق، قال الله تعالى عن نبيّه نوح عليه السّلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا *يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا *وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}. ورغم أنّ رسول الله كان معصوماً عن الّذنوب، ومغفورٌ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، لكنّه كان يدعو وقتاً يمرّ عليه دون أن يستغفر الله تعالى، ويسأله العفو والرّضا، وأفضل ما كان يستغفر به رسول الله هو دعاء سيد الاستغفار، والّذي تناقله الصّحابة الكرام بالتّواتر، ثمّ أخذه عنهم التّابعون، حتّى وصل إلينا دون زيادةٍ أو نقصان، والدّعاء المأثور هو ما سلف ذكره من المقال: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ. إذا قالَ حِينَ يُمْسِي فَماتَ دَخَلَ الجَنَّةَ – أوْ: كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ – وإذا قالَ حِينَ يُصْبِحُ فَماتَ مِن يَومِهِ مِثْلَهُ” . كما أنّ للاستغفار صيغٌ كثيرةٌ وعديدة، وكلّها لها فضائلٌ عظيمة، وينبغي للمؤمن أن لا يفتر لسانه عن الذّكر والاستغفار والشّكر، وأن يكون كثير المناجاة والتّوبة لله تعالى، فيجزيه الله بذلك أحسن الجزاء، والله أعلم.
فضل دعاء سيد الاستغفار
إنّ دعاء سيد الاستغفار من أفضل وأعظم الأدعية الّتي يمكن للمسلم أن يدعو بها خلا يومه، وحبّذا لو دعا به في أوقات الاستجابة، فيكون له فوق الفضل فضلاً، لكن ما هي فضائل هذا الدّعاء المأثور؟ فقد ذكر الحديث المبارك الّذي تناول هذا الدّعاء أعظم فضيلةٍ من فضائله وهي دخول الجنّة، حيث أنّ يكون جزاء من دعا به وهو موقنٌ ومؤمنٌ بكل ّحرفٍ من حروفه، إنّ مات قبل أن يمسي الجنّة بإذن الله تعالى، ومن دعا به وهو مؤمنٌ مساءً ومات قبل أن يصبح، كان جزاؤه الجنّة خالداً فيها، أمّا عن فضائله الأخرى، فهي غفران الّذنوب جميعاً، وسرعة استجابته، كذلك تيسير الأرزاق وتفريج الهموم والغموم، وهو تسبيحٌ وذكرٌ لله تعالى، وتصديقٌ للإيمان بالله تعالى وإقرارٌ لربوبيّته وألوهيّته، وتفرّده بهذه الصّفات دون غيره، كذلك يشكر فيه العبد ربّه على نعمه الكثيرة، فيزيده منها والله أعلم
شرح دعاء سيد الاستغفار
إنّ دعاء سيد الاستغفار مأثور عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- والّذي يحمل بين معانيه خيراتٍ عظيمة وفضائل لا حصر لها، فما هي معاني وشرح هذا الدّعاء؟ فقد شرح أهل العلم والمفسّرون هذا الدّعاء وبيّنوا معانيه ودلالاته ومفاهيمه العظيمة، وسنعرض فيما يأتي شرح هذا الدّعاء العظيم:
- اللهمّ أنت ربّي: أي يقرّ العبد ويعترف بأنّ الله تعالى هو ربّ العالمين، وهو وحده المتفرّد بالرّبوبيّة وهو القائم بالأمر، ومدبّر الأمر.
- لا إله إلّا أنت: إقرارٌ بأنّ الله تعالى هو مستحقّ العبادة، فلا إله لهذا الكون إلّا هو سبحانه، وهذا جزءٌ من دعا يونس عليه السّلام وهو في بطن الحوت.
- خلقتني وأنا عبدك: إنّ الله تعالى هو خالق النّفس من العدم، وهو بارئها ومكوّنها وصانعها، والإنسان عبدٌ لله تعالى من واجبه أن يطيعه فيما يأمره به وينهاه عنه.
- وأنا على عهدك ووعدك: أي أنّ العبد يقرّ بأنّه لا زال مداوماً على الطّاعة والعبادة، وأنّه مؤمنٌ باليوم الموعود، أي اليوم الآخر.
- ما استطعت: وتعني أن العبد ضعيفٌ وعاجزٌ وهو يعترف بذلك لربّ العالمين، وأنه يطلب منه أن يكون عونه وسنده، وألّا يتركه عاجزاً ضعيفاً.
- أعوذ بك من شرّ ما صنعت: يلجأ العبد لله تعالى، ويفرّ من غضبه وسخطه إليه، فلا منجى منه إلّا إليه، ليقيه شرور وعواقب ما أدم عليه من ذنوب.
- وأبوء لك بنعمتك عليّ: اعترافٌ من العبد بالنّعم الّتي منّ الله تعالى بها عليه، والّتي لا تعدّ ولا تُحصى.
- وأبوء لك بذنبي: الاعتراف بالذّنب فضيلة، فالعبد يعترف لله تعالى بذنوبه، وخطاياه وما عملت يداه.
- فاغفر لي: يسأل العبد ربّه -تبارك وتعالى- المغفرة والعفو عن الذّنوب والآثام.
- فإنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت: فالله تعالى هو وحده القادر على محو الّذنوب والآثام مهما بلغت.
دعاء سيد الاستغفار كامل مكتوب هو ما تناوله هذا المقال حيث قدّمنا بتوثيقه وإخراجه الصّحيح، وذكرنا فضائله العظيمة وسبب تسميّته بسيد الاستغفار، وينبغي للمسلم أن يحفظه وأن يداوم عليه لينال الأجر العظيم فيه، كما قدّمنا فيه أيضاً فوائد الاستغفار وبيّنا مدى صحّة الحديث الّذي تناول هذا الدّعاء العظيم، ونسأل الله تعالى النّفع به لنا وإيّاكم.
وفي النهاية يتمنى موقع مواضيع الإستفادة من مقالنا هذا دعاء سيد الاستغفار كامل مكتوب وفضله وشرحه من خلال قسم أدعية وأحاديث فتابعونا دائما.