دعاء سيدنا الخضر عليه السلام مكتوب لقضاء الحوائج، أحد الأدعية الواردة والمنسوبة للخضر -عليه السّلام- وللخضر مكانةٌ عالية لدى المسلمين، وكلّ الرّوايات تشير إلى نبيّ أو رسول أو ولي من أولياء الله الصّالحين، ولأنّ كلّ الرّوايات تشير لعلوّ منزلته ومكانته، حتّى أنّه كان من أشدّ النّاس علماً فعلمه قد وهبه إيّاه الله -سبحانه وتعالى- ولذلك فإنّ ما يرد عنه يحاول المسلمين أن يتّخذوه ويعملوا به، وفي هذا المقال سيقوم موقعنا ببيان دعاء سيدنا الخضر عليه السلام وتوضيح مدى صحّته وجواز الدّعاء به.
دعاء سيدنا الخضر عليه السلام
ورد عن يزيد بن الأصم فيما رواه عن علي بن أبي طالب والذي يُعدّ من الأحاديث التي لا تصحّ قوله: “عن عَليِّ بنِ أبي طالبٍ أنَّه قال: بَيْنا أنا أطُوفُ بالبيتِ إذا رجلٌ مُتعلِّقٌ بأستارِ الكعبةِ وهو يقولُ: يا مَن لا يَشغَلُه سَمْعٌ عن سَمْعٍ، يا مَن لا تُغْلِطُه المَسائِلُ، يا مَن لا يَتبَرَّمُ بإلحاحِ المُلِحِّينَ، أَذِقْني بَرْدَ عَفْوِكَ، وحَلاوةَ رَحمَتِكَ، قلتُ: يا عبدَ اللهِ أَعِدِ الكلامَ، قال: أوَسمِعْتَه؟ قلتُ: نعمْ، قال: والَّذي نفسُ الخَضِرِ بيدِه -وكان الخَضِرُ هو-: لا يَقولُهنَّ عبدٌ دُبَرَ الصَّلَواتِ المَكتوبةِ إلَّا غُفِرَتْ ذُنوبُه، وإنْ كانت مِثلَ رَمْلٍ عالِجٍ، وعددِ المَطَرِ، وورَقِ الشَّجرِ”. فلم يرد عن الخضر -عليه السّلام- دعاءً ثابتاً صحيحاً، وكلّ ما ورد عنه كان ضعيفاً أو موضوعاً، وقد أنكر أهل العلم معظم ما ورد في دعاء سيدنا الخضر عليه السلام، ولكن أجمع أهل العلم أنّ معنى الدّعاء الوارد في هذا الحديث معنىً صحيح، ولكن يفضّل الدّعاء بالأدعية المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- والصّحيحة في سنّته.
صحة دعاء سيدنا الخضر عليه السلام
قد وردت العديد من الرّوايات الّتي تحمل في متنها دعاءٌ قد نُسب إلى الخضر عليه السّلام، وقيل بأنّ هذا الدّعاء قد سمعه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه من الخضر نفسه في بيت الله الحرام، وكثيرٌ من النّاس يبحثون عن هذا الحديث وعن درجة صحّته، لما ذكر في الرّوايات من الأجر العظيم والجزيل لمن يدعو به، وقد روى هذا الحديث بإسنادٍ لا يصحّ ابن الجوزيّ في كتاب موضوعات ابن الجوزيّ، كما أخرجه ابن عساكر بوجهين، وكان في الوجهين ضعف، وغيرهما الكثير من علماء الحديث والتّفسير الّذين حكموا على هذا الحديث بأنّه موضوعٌ وضعيفٌ ولا يصحّ، وإنّ في الأمر عدّة أسبابٍ تؤكّد ضعف هذا الحديث وعدم صحّته، وهي أنّ الخير والفضل المذكور في هذا الحديث، لم يكن ليهمله علماء الحديث والسّنّة، ولم يكن ليتركه الصّحابة وأهل الحديث كالبخاريّ ومسلم دون أن يذكروه، كذلك أنّ في هذا الحديث خيرٌ وفضلٌ كبيرٌ، مقابل عمل ٍصغير، لذلك لا يجوز للمسلم نشر هذا الحديث، ومن الأفضل اتّباع ما جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الأدعية المأثورة الصّحيحة، والله أعلم.
هل يمكن الدعاء بدعاء سيدنا الخضر عليه السلام
قد ذكرنا فيما سبق دعاء سيدنا الخضر عليه السلام، وتحدّثنا أيضاً عن مدى صحّة الحديث الوارد لهذا الدّعاء، وتبيّن الحكم بأنّه حديثٌ موضوعٌ ومنكرٌ ولا يصح، فهل يمكن الدعاء بدعاء الخضر مع كونه موضوعاً؟ فقد قال أهل العلم بأنّه من الجائز أن يدعو المسلم بالأدعية الّتي جاءت صيغتها في حديثٍ ضعيفٍ أو موضوع، شرط ألّا يقيّدها المسلم بوقتٍ أو عبادةٍ معيّنة، كدبر الصّلاة أو قبلها، أو قبل النّوم أو غيرها من الأوقات، فمن الصّحيح الدّعاء بها بالمطلق، كذلك من واجب المسلم الحرص على عدم اتّخاذ هذه الأدعية ويواظب عليها دائماً، لكيلا يضعها والأدعية المأثورة الصّحيحة في كفّةٍ واحدة، كما أنّ أهل العلم نبّهوا على ضرورة وأولويّة نشر الأدعية المأثورة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الصّحيحة بين المسلمين، ليستغنوا بها عن الأدعية المبتدعة والمكذوبة، لكن لا حرج على من دعا بالأدعية غير الواردة عن الرّسول، شرط ألّا يترك السّنّة، ويلتزم بما هو غير ذلك، والله أعلم
دعاء سيدنا الخضر عليه السلام لقضاء الحوائج
لم يرد أو يثبت عن الخضر عليه السّلام أيّ دعاءٍ لا لقضاء الحوائج ولا لغيره من الأغراض والأمور، لكنّ السّنّة النّبويّة المباركة، تذخر بالكثير من الأدعية العظيمة الّتي أشار بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ الدّعاء يقضي الحوائج بإذن الله تبارك وتعالى، وسنذكر بعضاً من الأحاديث والأدعية الواردة لهذا الغرض:
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “دَعْوةُ ذي النُّونِ إذ دَعا وهو في بطْنِ الحُوتِ: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} –؛ لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيءٍ إلا اسْتجاب اللهُ لَهُ”
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “كُنتُ جالِسًا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الحَلْقةِ، ورَجُلٌ قائِمٌ يُصَلِّي. فلمَّا رَكَعَ وسَجَدَ جَلَسَ وتَشَهَّدَ، ثم دَعا، فقال: اللهمَّ إنِّي أسْألُكَ بأنَّ لكَ الحَمدَ لا إلَهَ إلَّا أنتَ، المنَّانُ، بَديعُ السَّمواتِ والأرْضِ، ذا الجَلالِ والإكْرامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، إنِّي أسألُكَ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَدْرونَ بما دَعا؟، قالوا: اللهُ ورَسولُه أعلَمُ، قال: والذي نَفْسي بِيَدِه، لقد دَعا اللهَ بِاسمِه العَظيمِ الذي إذا دُعيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أَعطَى قال: عَفَّانُ: دَعا باسْمِه”.
أدعية سيدنا الخضر عليه السلام قصيرة
فيما يأتي بعد المرور على دعاء سيدنا الخضر عليه السلام لقضاء الحوائج، سيتمّ تقديم أدعية الخضر عليه السلام قصيرة:
- اللهم يا رحمن يا رحيم حصّن عائلتي ونفسي وأحبّتي بحصنك الحصين، واحمهم من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وسحر الساحرين، وظلم الظالمين، ودبّر لي أمري وأصلح لي حالي، واقض حوائجي ونفّس كربتي وآنس وحدتي وفرّج همّي.
- اللهم اقسم لي من خشيتك ما يحول بيني وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلّغني به جنّتك، ومن اليقين ما تهوّن به عليّ مصائب الدّنيا.
- اللهم يا ربّ العالمين جمّلني بقلبٍ رحيم، وعقلٍ حكيم ونفسٍ صابرة، اللهم اجعل بسمتي عادة وحديثي عبادة وحياتي سعادة وختامي شهادة.
- سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، اللهم اجعلني من المنعّمين الشّاكرين، واجعلني من الصّابرين عند البلاء، ومن الذّاكرين لك في كلّ حال.
- اللهم يا ربّ لا تشمّت بي أعدائي واجعل القرآن دوائي وشفائي، اللهم ثبّت عقلي وديني وزدني بهما، اللهم يا ربّ ثّبت يقيني، وأبعد عنّي شرّ ما يؤذيني، اللهم استرني فوق الأرض وتحت الأرض، اللهم استرني اليوم ويوم العرض.
وختاماً يجدر بنا التّنبيه على أنّ من واجب المسلم التّحقّق من صحّة الأحاديث قبل نشرها بين النّاس، لكي يجتنب الوقوع بما حرّم الله تعالى، وقد قدّمنا في هذا المقال دعاء سيدنا الخضر عليه السلام، مع بيان صحّة ما ورد عنه من أحاديث، كذلك تحدّثنا عن حكم الدّعاء بالأدعية الّتي وردت في صيغٍ ضعيفة أو موضوعة، بالإضافة إلى ذكر بعض الأدعية النّبويّة المأثورة لقضاء الحاجات.
وفى اخر مقالنا عن دعاء سيدنا الخضر عليه السلام مكتوب لقضاء الحوائج على موقع مواضيع من قسم أدعية وأحاديث نتمنى لكم الإستفادة الكاملة.